لمن تدق الحركة أجراسها

احمد الشريف
كُتب في: 2009-01-18


وتظل الدماء الباردة.. تنهمر وشلالات تتدفق.. في كل مدن الجنوب.. وحتى وإنْ وضعت الحرب.. مع الشمال أوزارها.. فعقلية الموت.. وسفك الدماء... سلوك في ذهنية الحركة الشعبية.. وجيشها المتفلت.. الذي لا مهنية.. ولا انضباط يحكمه.. وما أحداث ملكال الأخيرة.. إلا واحدة.. من منهجية.. وأيدلوجية الحركة.. لذا ستظل أجراس وطبول الحرب تدق في الجنوب.. الذي حقنته بفيروس الصراعات القبلية.. فالمشهد في الجنوب صراعات قبلية دامية.. الحركة القاسم المشترك.. في كل اقتتال يحدث.. داحس والغبراء... بانوراما لحرب القبائل.. ولصراعاتها.. صراع بين الشلك.. والدينكا و(11) قتيلاً.. حصاد المعركة.. تصنعها.. موازنات.. لتصنع تركيبة.. تحسب أنها جواد تركبه.. لتحقيق أهدافها السياسية.. لا يهمها تنمية الجنوب.. واستقراره.. فالعقلية الميكافلية للحركة.. هي الفكر.. الذي يرسم مسارها... تجاوز لقبائل الفرتيت بكل بطونهم وأفخاذهم قريش.. بلندا أفورقي.. في ولاية غرب بحر الغزال.. لتأتي بتقديم الجور.. فتزرع لغم الصراع في بحر الغزال.. وكذلك في الوحدة.. تؤخر (نويربل) وفي البحيرات.. تقدم الشوبيت.. أصغر قبيلة وفي شرق الاستوائية.. حاكمها.. من اللاتوكا في ولاية التبوسا.. أغلبية.. معادلات قائمة على الولاء.. ليس الولاء.. للحركة.. إنما الأهم الولاء للدنيكا.. في كثير من الحالات.. فالحركة.. لا تحكمها فكرة.. ولا أيدلوجية.. إنما القبلية.. هي النطفة.. التي تخلقت منها.. فالقبلية.. هي الدم.. الذي يدفعها.. لاتصدقوا.. ان زعيمها الراحل.. ارتكز على فكر منهجي.. وما كشفه مؤتمرها الأخير يؤكد.. قوة.. و(رساخة) القبلية.. في جسد الحركة الشعبية.. فالصراع الذي دار.. في توزيع المواقع.. كشف عقليتها.. ولو لا تدخل (عرابها) جون ونتر.. لتشظت وتناثرت أشلاء.. وليت هذه القبلية تحكمها العدالة.. ويضبطها.. القانون.. فالمؤسف.. ان القوة.. هي الحاسم داخل أجهزتها.. أي لكل قائد.. قواته ومليشاته.. هم أشبه.. بأمراء الحرب.. لا تصدقوا.. ديمقراطية الحركة.. فقد كانت الدبابات.. والأسلحة.. والقوات.. التي جاءت.. إلى جوبا إبان مؤتمر الحركة.. الدليل القاطع.. لكذبة ديمقراطيتها.. فقد كشفت الحشود العسكرية.. عن زيف الحركة وادعاءاتها.. بالتحول الديمقراطي.. فالسلاح.. والقوة.. هما الصوت الذي يعلو داخل دهاليزها.. فالجهاز التنظيمي.. للحركة ككيان سياسي ضعيف.. وما محاولة اغتيال الوزيرة (انجيلا).. الا تأكيد على ان الحركة.. ليست بتنظيم سياسي.. بالمستوى الذي يحكم.. بلد.. خرج لتوه.. من حرب أهلية أكلت الأخضر واليابس.. وليست بجيش نظامي.. يعمل بمهنية عسكرية.. لذا لجأت قيادة الحركة.. الى حظيرة القبلية.. وحتى يتحكم قادتها.. في القطيع.. كان لابد لهم من خلق بؤر.. تقريب لبعض القبائل وإبعاد بعضها.. وأنا وابن عمي على الغريب.. مشهد مأساوي.. لاقتتال يدور بين الفنية والأخرى بين قبائل الجنوب.. الذي استراح.. من حرب دامت عشرون عاماً.. لحرب قبائل.. فالبيان الذي أصدره اتحاد طلاب فشودة بالجامعات.. عقب أحداث استاد ملكال المؤسفة والذي اتهم فيه مجموعة.. من قيادات الحركة أمثال.. دوك جوك نائب حاكم أعالي النيل.. واستيفن ديو وزير المالية وطون موم وزير الإعلام وسيد عوض مرجان محافظ ملكال.. وغيرهم.. هذا الاتهام لم يأتِ من فراغ.. فالصراعات التي مازالت تدور بين قبائل الجنوب.. دلالة على ان الحركة عجزت.. ان تخلق شعباً جنوبياً واحداً.. لأنها تريد.. اولاً.. ان تسيطر.. عليه.. وحتى تقديم الدنيكا.. على القبائل الأخرى.. جاء بفهم القيادة.. التي على الحركة.. فوجود الدينكا في كل ولاية.. ومحافظة جنوبية.. تخطيط لبناء أرضية.. للقيادة.. والتي هي دوماً من الدينكا.. وهذا واحد من أسباب الصراعات القبلية.. فالقبائل الأخرى.. تحس بغبن و(تهميش) لهم.. وما الصراع الدامي بين (المورلي).. والخلاف والصراع.. الذي دارت حوادثه الدامية في يامبيو.. إلا استراتيجية لإنفاذ.. فكرها.. الذي اتكأ.. على الاستقصاء.. وأسلوب.. التقديم والتأخير.. الأمر الذي دفع بالباريا.. مطالبين بنقل العاصمة.. من جوبا.. إلى جزيرة غندكرو.. حتى يحسوا بأنهم مواطنون.. في جوبا.. كل هذا بفعل العقلية المتخفلة لحركة اختصرت.. كل الجنوب في ذاتها.. وأدارت ظهرها.. عن تنميته واستقراره.. ووحدته.. فهي أشبه بالنخلة الحمقاء.. فمن لا يسخو.. بما تسخو الحياة به.. فإنه جاهل بالحرص ينتحر.