SUDAN FLYING HIGH OVER THE SKY
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تااريخ الأجهزة الأمنية في السودان حتى أبريل 1985م

اذهب الى الأسفل

تااريخ الأجهزة الأمنية في السودان حتى أبريل 1985م Empty تااريخ الأجهزة الأمنية في السودان حتى أبريل 1985م

مُساهمة من طرف Admin الخميس يناير 29, 2009 10:34 pm

الحكم الوطني الأول حتى انقلاب 17 نوفمبر 1958(7)

عميد أمن «م» محمد الفاتح عبدالملك

أحداث ومواقف
تمرد توريت

البلك الثاني من الفرقة الإستوائية بتوريت يتمرد
توريت يا وكر الدسائس والخديعة والدم
قد طال صمتك في الدجى هل آن أن تتكلمي؟؟
يا قطة أكلت بنيها وهي ظامئة الفم!!!
«من قصيدة للشاعر الأستاذ الهادي آدم عليه رحمة الله»..
في 18 أغسطس 1955 وصلت برقية للسيد اسماعيل الأزهري رئيس مجلس الوزراء تحمل خبراً يفيد بتمرد حامية توريت ومقتل الضابط بانقا عبدالحفيظ.. ولتفصيل ما حدث نعود لتقرير لجنة التحقيق في أحداث الجنوب والتي ترأسها القاضي قطران وضمت في عضويتها كل من السيدان خليفة محجوب ولوليك لادو.. جاء في مقدمة التقرير:
لقد حدثت أشد الاضطرابات خطورة في المديرية الاستوائية وتأثرت بها كل المدن والقرى وسادت حالة من الفوضى التامة وعدم النظام لمدة أربعة عشر يوماً.. فتعطلت الخدمات العامة وقطعت طرق المواصلات وأغلقت دواوين الحكومة.. وفي يوم 20 أغسطس أعلنت حالة الطواري في المديريات الجنوبية الثلاث وكان لقوات الفوضى وعدم النظام اليد العليا لمدة أسبوعين وقد كان الهجوم موجهاً على أوراح وممتلكات الشماليين دون سواهم وارتكبت جرائم القتل وحرق المنازل والممتلكات والنهب والسلب وقد اشترك في ارتكاب هذه الجرائم الجنود ورجال البوليس والسجانة والأهالي الجنوبيين.
لنعود لبداية الأحداث التي شهدتها توريت فجر 18 من أغسطس 1955 فقد كان مقرراً وحسب ترتيبات الاحتفالات بجلاء القوات الأجنبية عن السودان أن يشترك البلك الثاني بحامية توريت في الاحتفالات بالخرطوم ولما كانت المعلومات متوفرة عن احتمال تمرد البلك الثاني فقد كان الاميرلاي اسماعيل بك سالم قائد الفرقة الاستوائية متواجداً في ميدان الطابور للاشراف على ترحيل البلك لجوبا ومنها للخرطوم.. وتحوطاً فقد أصدر قائد الفرقة تعليماته على النحو الآتي:
1- ان تصرف للبلك الأسلحة فقط دون الزخيرة.
2- يتم صرف الأسلحة على دفع لكل بلتون منفصل وبعد رحيله يصرف للبلتون الذي يليه.
بعد أن صرف البلتون الأول أسلحته رفض التعليمات بركوب العربات وعاد لميدان الطابور وبدأ عند ذلك حدوث اضطراب كبير في صفوف البلك مما حدا بقائد الفرقة الاميرلاي اسماعيل سالم باصدار أوامر بالغاء السفر، ولكن كان الأوان قد فات فقد هجم أفراد البلك على مخازن السلاح والزخيرة وتم كسرها والاستيلاء على ما فيها من أسلحة وذخائر وهكذا عمت الفوضى وأطلقت النار على القائد نفسه إلا أنه نجا وأصيب البمباشي بانقا عبدالحفيظ وأستشهد في الحال وقد أفلح الاميرلاي اسماعيل سالم والبكباشي محجوب طه من الخروج بسلام.. وهكذا عمت الفوضى شرق الاستوائية وأمتدت إلى كتري وكبويتا وتركاكا ثم انتقلت إلى غرب الاستوائية وشملت مدن ياي ولوكا ولانيا ثم مريدي ويامبيو وأنزار..
وكما وضح في مقدمة تقرير لجنة التحقيق فقد استهدفت الأحداث الشماليين على وجه الخصوص من عسكريين وموظفين وتجار وشملت النساء والأطفال.
بلغ الضحايا في أحداث الجنوب 336 شمالياً و75 من الجنوبيين.. كل ذلك العدد دفع ثمن سياسة المستعمر تجاه الجنوب والتي بدأت مع بدايات القرن التاسع عشر.. وقد كانت الشرارة التي أشعلت الفتيل سريان اشاعة وسط جنود الفرقة الاستوائية ان من سيذهبون للشمال لن يعودوا مرة أخرى للجنوب.. وان الجنود الشماليين سيحلون محلهم ولن يعرف ما سيحل بأسرهم وأطفالهم.
إعلان حالة الطواريء في المديرات الجنوبية الثلاث نتيجة لوقوع التمرد والحالة الأمنية الحرجة التي سادت وضعت قوة دفاع السودان أمام مسؤوليتها المحددة دستورياً في انهاء حالة التمرد واستعادة السيطرة على الأوضاع في كل المراكز والمدن والقرى التي شملها التمرد ومن ثم الأشراف على استتباب الأمن واشاعة الطمأنينة وسط المواطنين خاصة في المديريات الجنوبية الثلاث..
أوكلت مهمة قيادة العمليات في الجنوب للواء أحمد عبدالوهاب عليه رحمة الله وكان آنذاك قائداً لمدرسة المشاة وحامية أم درمان..
اللواء أحمد عبدالوهاب أشتهر بالصرامة والانضباط وقد لعب ادواراً تاريخية في مسيرة الوطن والقوات المسلحة وتقلد منصب نائب رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة في حكومة 17 نوفمبر.
أشرف اللواء أحمد عبدالوهاب على ترحيل القوات إلى جوبا ومن ثم لحق بها.. وهناك انضم لقيادته كل من القائمقام آنذاك حسن بشير نصر والطاهر عبدالرحمن وقد شكلت القوة في جوبا مجموعة «لواء كامل».. كبداية لتنفيذ العمليات عقد اجتماع بمنزل المرحوم السيد عبدالعزيز عمر الأمين مدير المديرية ضم كل من السيد مبارك زروق والقائد العام الفريق أحمد محمد والمستر لوس مستشار الحاكم العام.. ناقش الاجتماع الخطة التي وضعها اللواء أحمد عبدالوهاب وأركان حربه وتمت الموافقة عليها وقد ارتكزت الخطة على:
* الغرض: استرجاع كل المدن التي سيطر عليها المتمردون توطئة لجمع الأسلحة والذخائر التي أصبحت بحوزتهم وبعض الأهالي واعادة الأمن والنظام إلى المنطقة.
* القوات: لدينا القوة الكافية للحفاظ على جوبا كقاعدة كما اننا نتفوق كثيراً على المتمردين المشتتين بالغابة.
* الروح المعنوية: كانت الروح المعنوية عالية بالنسبة لجنودنا بينما روح المتمردين تنهار بسرعة وسادهم الرعب والفزع.
* عامل الزمن: بعد اكتمال القوة بجوبا واستعدادها فقد كان أهم العوامل هو عامل الزمن فليس هنالك ما يدعو للتأخير خصوصاً وان هناك كثيراً من المدنيين في كل المراكز يهدرون كل يوم بالقتل كما أن التحرك يجب أن يتم في وقت وأحد نحو الضفتين الشرقية والغربية وخصوصاً نحو مريدي التي مازالت بها عدد كبير من المعلمين والمعلمات الشماليين.
* الخطة: تنقسم القوة إلى ثلاثة طوابير:
1- طابور يتحرك لتوريت تحت قيادة اللواء أحمد عبدالوهاب.
2- طابور يتحرك للضفة الغربية بقيادة المقبول الأمين.
3- الثالث يبقى للحفاظ على الأمن بجوبا تحت قيادة حسن بشير نصر.
تم تنفيذ الخطة كما وضعت وعند دخول قوة توريت إلى المدينة وجدتها خالية تماماً وقد اعتذر قائدهم آنذاك رولاندو من أنه لم يتمكن من اقناع زملائه وفروا جميعاً إلى الغابة.
أوضح اللواء أحمد عبدالوهاب أنه قد قام بوضع خطة مؤقتة حول المنطقة لتأمينها كما استعان ببعض السلاطين ورجال البوليس للعمل على جمع الأسلحة والذخائر واقناع المتمردين بالعودة وبالفعل فقد لعب بعض السلاطين دوراً بارزاً في ارجاع العديد منهم إلا أن معظمهم قد فر إلى يوغندا..
رافق قوة توريت السيد عربي عبدالباسط مفتش توريت والذي بدأ ادارياً في المنطقة مكوناً فرق لجمع الجثث من المنازل ودفنها.
من الفظائع التي ذكرها السيد اللواء أحمد عبدالوهاب ان قام المتمردين بحرق أكثر من «65» رجلاً وأمرأة وطفلاً بعد أن جمعهم البوليس وأستلم أسلحتهم ثم وضعهم في عنبرين بدعوى حمايتهم فكانت الحماية ان سمحوا للمتمردين بالاعتداء عليهم وقتلهم جميعاً ثم حملوهم إلى شجرة كبيرة وصبوا عليهم الغاز وحرقوهم فلم تجد لهم أثر غير العظام وذرات الرماد.. فجمعناه ودفناها هناك.
ضحايا أحداث التمرد من المعسكريين والمدنيين تم حصرهم ونذكر منهم.. البكباشية بانقا عبدالحفيظ وإبراهيم محمد مصطفى وإبراهيم الياس حسن محمود والملازمين اسماعيل علي خير الله ومحمد عبدالقادر وبحيري وخليفة.
الذين نجوا من الموت من العسكريين كل من مزمل غندور وصلاح عبدالماجد وعبدالرحيم سعيد وفضل الله حماد والاميرلاي اسماعيل سالم والبكباشي محجوب طه.
ومما يجدر ذكره أن من الناجين الملازم الجنوبي مادي من فرقة المهندسين وهو الوحيدة الذي لم يتمرد بل وكان له الفضل في حماية جنوده ومساعدتهم في الخلاص من الموت المحقق.. من الاداريين أستشهد المفتش محمد عمر بمريدي والمفتش الفاضل الشفيع بياي والذي قتلت زوجته وأطفاله خارج مدينة ياي..
هذا ولم يقتل من الأجانب المقيمين في جنوب السودان سوى رجل أو اثنين وعن طريق الخطأ كما لم يمس بأذى أي من المبشرين المسيحيين..
في الخامس من سبتمبر 1955 عقد السيد اسماعيل الأزهري رئيس الوزراء ووزير الداخلية مؤتمراً صحفياً أوضح فيه السيطرة على الموقف مشيداً باسهام الصحافة في تعبئة الرأي العام والشعور القومي وذكر أن السودان بروح القومية قد تخطى حوادث مارس وكل الأزمات التي احاطت بالسودنة والجلاء، وذكر أن معالجة حوادث الجنوب أملتها دقة الموقف وما يتطلبه من رباطة جأش وحكمة ومعالجته بما تمليه المصلحة العامة والحفاظ على وحدة البلاد وسد جميع الثغرات أمام المغرضين والمتربصين بحرية السودان.
خلص السيد اسماعيل الأزهري في حديثه إلى أن الحوادث التي وقعت في الجنوب كانت متوقعة منذ زمن بعيد لما أحاط بالجنوب من ظروف شاذة في الماضي على نحو ما حدث في بلاد أخرى عند خلاصها من الاستعمار وقبيل استقلالها، وذكر من تلك الدول الهند وباكستان واندونيسيا.. وما حدث في الجنوب الآن هو نتيجة حتمية لمخلفات الماضي والمؤامرات التي حيكت طوال السنين.
لقد رأيت أن أفراد مساحة كافية لتفاصيل أحداث الجنوب أغسطس 1955 والتي قادت إلى «مشكلة الجنوب» بمفهومها الكبير الواسع والتي ظللنا ومنذ الاستقلال وخلال تعاقب مختلفة أنظمة الحكم نسعى لايجاد الحلول لها وردم الهوة السحيفة بين الشمال والجنوب والتي أفرزتها الاستعمار مستغلاً نفوذه والتباين الثقافي والعرقي والاجتماعي..
إن كان لأحداث الأول من مارس 1954 كبير الأثر على الأمن القومي للبلاد داخلياً فان أحداث 18من أغسطس 1958 بالجنوب قد لعبت دوراً مهماً وتركت آثاراً وأضحة على خريطة الأمن القومي للسودان داخلياً وخارجياً.. تأثرنا ولازلنا نتأثر بها.. وهذا ما سنتناوله أيضاً بالتفصيل ان شاء الله مستصحبين تقارير اللجان حول أسباب أحداث الجنوب والدور الذي لعبته أجهزة الأمن وعلى رأسها القوات المسلحة قبل وأثناء وبعد الأحداث وما صاحب ذلك من ايجابيات وسلبيات.

* مراجع
- الزعيم الأزهري وعصره - بشير محمد سعيد
- الأحزاب السودانية والتجربة الديمقراطية - محمد محمد أحمد كرا
Admin
Admin
Admin

عدد الرسائل : 156
تاريخ التسجيل : 21/01/2008

https://orab.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى